نقوش على شــواطي الـذكري والتاريخ
الطيور في مسيرة الغناء السوداني
مسيرة الفن السوداني منذ بدايات شروقة وبذوغ فجر مبدعية ولد بأسنانه ... ولد من رحم الطبيعة والقيم والعادات والمثل والتقاليد السمحة ومن رحم امهات ومناطق العطاء والتفرد الزاخرة بالمبدعين من الشعراء والملحنين والفنانين. جاء مع لحيظات التوقد في إرحام الأمهات وحكاوي الحبوبة وتعلق الجد بالحفيد ... وعشق الأرض لنيلها وسحر بواسق نخلها وحرير جروفها ... وإنسانها ونيلها فرفدتهم بإكسير التمازج والعطاء .... البوح والتناغم ... وتخاصر الأرواح ... والنفوس العبيبقة بالتوحد والنماء ... إنه عشق الآسمر للسمراء ,,,, فقد علمته الإنحناء لكل جميل ... ولكل نبع للعطاء ... لماذا يميل الشعراء والمغنين لذكر الطيور في أشعارهم وغنائهم ،هل لفرط جمالها وروعة ألوان ريشها ولأن غنائها وتغاريدها فيه الكثير من الحزن والفرح والشجن والتحنان.
أم لأنها وديعة ومسالمة ولها علاقات حميمة جدا ببعضها البعض ... تحاكي الشعب الجسد الروح النبض البلد الواحد ... وهذ سر تميز إنسانها المفطور على الإنسانية والتخاصر .. مهما فعلت به الأيام وتقاطرة عليه المحن ... فنحن أمة تعشق الترحال في براحات الجمال والفن والطرب الأصيل ولكل ذلك فطن إنسانها المرهف الأحاسيس ... وتأمل سحرها وبهائها يستشف من كل جمال جمالا ...وينقش بإزميل الحواس أروع القصائد ... التي تخلد هذا الجمال وتفاعله معه. فتبقى في ذاكرة الأمـة ووجدانها عبر الأجيال.
ولأن الإنسان السوداني هو إبن بيئته .. يتأثر بها وبكل إحداثها ... مـدا وجذرا ويؤثر فيها بالمثل. ولأن البيئة السودانية غنية بجمالها الأخاذ وثرية بطبيعتها الندية الخضراء. وجبالها ورمالها. والمناظر الخلابة على ضاف النيل وفي أنحاء متفرقة منه، خاصة في فصل الخريف، فنجده زاخرا بالوان شتى من انواع الطيور الساحرة الجمال والتى تشيق الناظر إليها والمتأمل في أسرابها وشقشقتها وغنائها ... غردة تقفذ من غصن إلى غصن ... وترحل من بلد إلى بلد لاتحتاج إلى أوراق ثبوبته أو جوازات سفر تبني أعشاشها قشة قشة ... وتسبح في الفضاء من مكان إلى مكان باحثة عن الطعام لها ولصغارها
ابنى عشك يا قمارى قشة .. قشة
وعلمينا كيف على الحب دارنا ينشأ
رغم العواصف برضو واقف ..
وما فيه رعشه
والله نحنا مع الطيور الما بتعرف ليها صرفه ولا في إيدا جواز سفر
ام لأن لكل نوع منها سجعه الخاص وشقشقته الخاصة وصوته المنغوم الذي يتميز به عن المجموعات الأخرى. مثل تغريد القماري (القوقاي) وهديل الحمام ونوحه وكرير ذكوره ورقصه المتفرد ...
أم لأن الإنسان إستانس منها بعض الأنواع مثل الحمام بأنواعه .. أسئلة كثيرة .. حيرى تترى فنحن دوما نجدً الشعراء يحملون الطائر مسؤولية حمل رسائل الأشواق والوله والحنين والشكوى والتوجد؟ ليقوم بتوصيلها الى المحبوبة؟ّ
ذكرت الطيور في كثير من مفرداتنا الشعرية والغنائية وحتي الأمثال السودانية.. بكم هائل محملة بكم زاخر من الرسائل والشكاوى والشجون والشوق واللهفة والحنين والأسى والأمل والبكاء والأنين، والفرح والرجاء .. والبوح وفقدان الصبر... ورد كل ذلك عبر مسيرة الشعر الغنائي والفن السوداني عموما... ولكن هل يحمل الشعراء الطيور الرسائل لتسلمها للمحبوب والاهل؟ نسبة لتباعد المسافات والأصقاع. وبالطبع هي لا تحتاج إلي تذاكر سفر أو جوازات سفر وتأشيرات عبور ؟؟ ام لآنها امينة على الأسرار وبعيدة عن عين الرقيب والعزول ولا مخافة منها على المحبوب؟؟
وسؤال آخر يحاصر نفسه، هل الأمر يتعلق بجمال رونقها ورقة أشكالها؟ أم يعزى ذلك لأسباب أخرى، أم لكل الأسباب التى ذكرتها مجتمعة.؟؟ وبيئة بلدنا التي حباها الله تعالي بمجموعة مقدرة جداً من الطيور والطيور المهاجرة لانها تتميز بخاصية قطعها للمسافات دونما تسكع في محطات السفر.
وقد كتب الشاعر بازرعة وهو مقيماً بجده رسالة شفافة جدا، الى المحبوب في الاتجاه الآخر للبحر الاحمر في رائعة الراحل المقيم وهو أحد إهرامات سوح الأبداع السوداني/ الفنان الراحل المقيم/ عثمان حسين التوم.
كل طائر مرتحل عبر البحر قاصد الاهل
حملتو اشواقي الدفيقة
ليك يا الحبيبة وللاهل.
ثم جاءت المفردة الرائعة للراحل المقيم / الشاعر صلاح أحمد ابراهيم وهو يكتب رسالة شوق للحبية في الإتحاه المعاكس قد حملها للطير المهاجر للسودان وحمله فيها الكثير من الوصايا ..
بالله يا طير قبل ما تشرب تمر على بيت صغير
من بابو من شباكو بيلمع ألف نور
تلقى الحبيبة بتشتغل منديل حرير لحبيب بعيد
ولكن الطيور الأكثر ورودا في أشعار الشعراء ومعهم المغنين السودانيين كانت تنحصر في الحمام والقمري أو القماري، خاصة الذين يقطنون في المناطق التى يكثر ويتكاثر بها القمري. في شمال السودان عامة وفي غرب السودان خاصة، على الرغم من ان الحمام هو صاحب أكبر مساحة في الشعر والغناء السودانيين، وورد في الكثير من أشعار شعراء فترة ما قبل أغنيات الحقيبة وفترة اغنيات حقيبة الفن وما بعدها حتى وقتنا الحالي بل وفي شعرنا الشعبى وشعر الرباعيات والمجادعات والرميات..
وكمثال لذلك نجد الفنانة الراحلة المقيمة عائشة الفلاتية. أوردت في أغنتيها التى قامت بتأليفها وهي أغنية الله ليا الليمون سقايتو علي:
الله لي جاهل صغير وحمامة
يوم لبَّسو الكمامة
ودوهو خشم القربة
يا الله عودة سلامة للعاصمة
وفي إبداعاتالراحلة المقيمة الفنانة عايشة موسى نجد الكثيرمن الغناءالغني بالتطريب والصوت الحنون المتدفق الآخاذ وهو ينهمر كتواقيع إجراس معبد الحب، فيخاله المستمع إليه كرفيف أعماق الموجه تسوق الموجه تلاثم الموجه ..وتسكنه وتفترش بحنايا النيل. تلك المفردة الرائعة حقا، وأعني بها أغينة ألحان الربيع وهي من كلمات الراحل المقيم ا لشاعر على محمود التنقاري وغناء عائشة الفلاتية في العام 1941
الحان الربيع معرض الزهور غني
غني يا طيور غني
غني يا طيور نغمك الحنون يشرح الصدور ...
غني غني يا طيور غني
وغني يا طيور روضك النضير يبعث السرور
غني غني يا طيور غني
غني يا طيور حولك الورود فتحت زهور
غني غني يا طيور غني
فتحت ثقور من ضياءها نور زي صدى البدور
غني غني يا طيور غني
الربيع يزيد الرياض جمال
ويمنح النفوس قوة احتمال
نسائم الشمال الشمال للجنوب تزور
غني غني يا طيور غني
الربيع يزيد الرياض جمال
ويمنح النفوس قوة احتمال
نسائم الشمال الشمال للجنوب تزور غني
غني غني يا طيور غني
غني غني يا طيور غني
غني غني يا طيور غني
ومثال آخر لمفردة الحمامة/الحمام ... لشاعر ومغن يعتبر هو فريد عصرها وهي فريدة عصره, وقد جاء مخاضها من رحم تلك المدينة الأنيقة بتخاصر أهلها مع براحات الجمال, وطبيعتها الزاخرة بـه. وعطائها الممتد عبر الزمن, تلكم هي عروس الجزيرة المجرتقه بفعل الشهد والناس النصاع من صناع الإبداع المتفرد, تلكم هي ود مـــــدني أم المترفين من المبدعين وأجيال العطاء ... فقد جأءت وهي ترفل في إثوابها القشيبة الصنع والمحكمة التفصيل، جاءت ترفل وتـنثرالعبير كالعروسة في يوم زفافها، ولكان شاديها وحاديها ومدوزن حلمات حروفها – ( إبن مدني، الشاعر والفنان المبدع الراحل المقيم على أحمدان الشهير بعلى المساح وهو من رحم تلك المدنية التي تمثل منبع ومصب الفنون الأصيلة والمبدعون الرائعون ألذين أثروا الساحات الفنية ووحدوا وجدان الشعب السوداني) لكأنه يمتطي صهوات الحروف ليصل إلي تلكم المحبوبة، فقد تغنى له الفنان الراحل المقيم/ عوض الجاك رائعته المتفردة زمانك والهوى اعوانك، وهى اغنية نظمها فى ملهمته الرائعة الجمال، وهي فتاة من اصول مصرية تسمى "بهجة. سافرت مع اسرتها فى عطلة الى مصر فى العام 1942 ولما عادت سالت صويحباتها ان كان غيابها قد اوحى للمساح بشئ، فانشد المساح لصديقتها تلك،هذه الخريدة الرائعة وقد تغنى بها آنذاك فنان ودمدنى الشهير محمد سليمان الشبلى.
زمانك والهوي أعوانك أحكمي فينا هذا أوانك
بهواك كيف أطيق سلوانك
حمامة الغصون صداحة فوق اغصانك
ذكرى لى حبيب يا حمامة مولاى صانك
هاجت عبرتى يا دموعى كيف حبسانك
وين تلقى المنام يا عيونى غاب انسانك
أنا كايس رضاك، ورضاى اظنو محلك
بتعكر صفاى و بياضى اصبح حالك
والحال العلى ياريتو لو يوحالك
مدنف وجدى بيك لكن فقدت حنانك
روحى واهبها ليك دى هدية طوع بنانك
الروض سحرو ماخوذ من سحر عيناننك
ظلموك لو يقولوا الدر شبيه اسنانك
حسنك مافى لا عُجمان و لا عربانك
ان هب النسيم هزّاك ميل بانك
ما ضر لو اكون انا من حبانك
يا ذات الجمال فرضا على اجلالك
بى شوفتك مباح دمى العزيز ما غلالك
عدتى و عاد هناى يا "البهجة هلّ هلالك
وقصيدة أخُـرى، غيداء لغوب تتلألأ مثل الخريدة التي تتوسط عقدا فريدا نادر الوجود ولا يقدر بثمن وهي من أغنيات الحقيبة المستحبة لكل من يعشق الجمال. وهي قصيدة يا عروس الروض يا ذات الجناح. ولأنها رائعة حقا ولما فيها من جمال ومن رونق ينسرب إلى أعماق المستمع ويداعب كل خفقة بدواخله مما يجعله يحفظها عن ظهر قلب، وذلك لما بها من معانٍ سامية مشبوبة بالرقة والدفق الإنساني الشفيف، ولأن لحنها جميل ومتنوع فيه الكثير من الحنان والحنين والتطريب، مما يجعل روح المستمع إليها يميل طرباً وإعجاباً بها.
والقصيدة للشاعر الياس فرحات
يا عروس الروض يا ذات الجناح يا حمامة
سافري مصحوبةً عند الصباح بالسلامة
واحملي شوق فؤادي ذي الجراح وهياما
سافري قبل أن يشتد الهجير بالنزوحِ
واعبري مابين طيات الأسير مثل روحي
وإذا ما لاح لك الروض النضير فاستريحي
خبَّريها أن قلبي المستهام ذاب وجدا
واسأليها كيف ذياك الغرام صار صدَّا
وهيامي لم يعد فيها هيام بل تعدَّى
ذكِّريها كيف ساعات اللقا والتصابي
يوم كنا كل صبحٍ ومساء في اقترابِ
علَّ بالتذكار لي بعض الشفا من عذابي
وهذا هو الشاعر الفذ النحرير المترف الشجون والمرهف الحس ... هرم الشعر الغنائي السوداني بكل جماله وروانق مفرداته السلسة المتناغمة التفاصيل ولاشك في أن الشاعر ودع الرضي كان يسكب عصير إكسير الدواخل ألقا وشجوا وسحرا وجمالا. رحم الله عبقري وعملاق أشعار الحقيبة.
ينوحا لي حماماتن
ينوحن لي حماماتن همن عيني غماماتن
بريدن شوقي لي لماتن
هياب رعاب جمال فاتن ولا شي في الادب فاتن
تتوق الروح لشوفاتن وارجف حين موافاتن
سكينة تجلى فصادن قلوب الادبا مرصادن
قنابل ترمي قصادن فهن صادنه ما صادن
وجن توب الحيا لباسن نزل نور القمر باسن
اهين وارضي حباسن يفر قلبي ويخاف باسن
عسف بندن حف جلادن وضيبن هدهد اللادن
عفافن عف تيلادن بسوق القوق علي بلادن
ما بين الشادي والشادن تحير فكره نشادن
خدودن جل ورادن جميع الشاهدن رادن
نديم قول لي هن ياتن مهاة رامة وظبياتن
نسيم شيل لي تحياتن وخصص بيها نباتن
إنه حقا وبحق كان زمننا جميلا خالدا بكل ما فيه من سحر الطبيعتين الساحرتين الإنسان والطبيعة. جمال الكلمات وعذوبتها ... وشعب عاشق شبق يعشق الترحال في براحات الطرب الأصيل والفن المتفرد الجميل والشعراء الرائعين المتفردين دوما، ويعانق براحات الوطن الثرية بكل ما هو وضئ وجميل وساحر وخلاب. إذن هي السمراء الحانية وهو تواقيع حلماتها .. وربيب حضنها الملاز.
ومثال آخر للغناء الجميل في الزمن الجميل- زمن التخاصر والتلاحم في العديل والزين- والذي نجد به مفردة الطيرالمرتجى منه إيصال الأمانه ودفق الأمنيات، وها هو الفنان الرائع الراحل المقيم إبراهيم الكاشف يهدي لنا صفوة خلاصة أعماقه وكوثر سلاف ألحانه وتطريبه الذي يمتاز ويرشح بالشفافية والرقة التي عندها ... تنداح النفس بها ومعها وعبر باحاتها الندية .. مع ... الحبيب ...
وانا يا طير بشفوك ...
فرحان وبتغني وحبيبك معاك ...
لهجة كلها حنان وإنسياب في بوتقة الزول .. الودود صافي النيه وصادق الوعد ... والزولة الودودة الحنونة– يا بت بلدي أنا سوداني - سودانيه تهوى عاشق ود بلد - وبساطتت الكلمات ... الأثيرية المعنى والذي ينثال كالحلم اللذيذ فيثقب ويندلق في إنسياب داخل أروقة الحنايا ليعانق الإحساسيس الظيمئة للحب والمودة والتواثق على الوفاق. ويأتي ذلك بمجرد ولوجه في مسارق السمع ....واللحن الذي يذيب النفوس ويعتصر حلمات شجونها فيتخثر ويندلق طربا ... وهو يرتشف كاسات من رحيق الأعماق ... المتفردة والمتألق ابدا. وهي من أحلى روائع هذا الهرم الجميل المبدع الغريد.
انا يا طير
أنا ياطير بشوفك فرحان وبتغني
وحبيبك معاك وحبيبي غاب عني
أنا ياطير موله محزونا لأني
وحيد حبيبي غايب
آه يا طير وتاني علي مصايب
من أدهى الغرايب لي أجمل حبايب
صدوا وبعدوا مني
أنا ياطير حبيبي للآلام تركني
وبدلل عليّ وبالهجران هلكني
زعلان مني صدّ وبرايو إستبد
إتناسى المودة وإعتاد التجني
ياريت كنت زيك لو يجدي التمني
حبيبي يكون معاي
وفي الأشجار نقيل وبالأغصان نميل
بخفة جناحك وحرية سراحك في الأفنان نغني
هكذ الشوق وهكذا الريد ... في عاميتنا الحبيبة .. الخالدة التي تعبر عن حركة المجمتع وكل ما يدور فيه ... تعبر عن التلاقي في الإحساس ... وتلاقح الوجدان ... هي إنساينة كالفنار ترشح نورا يكتب على صفحات الشقاف ... صدق المشاعر والحب الطاهر العفيف ... وثني الهام للأم الأخت البنت الحبيبة وشريكة الدرب .. حتى آخر قطرة من العمر.
إنت عارف أنا بحبك وبحلفبك ...
أنا شايف المحاسن والطرايف
في صمتك في كلامك ...
في عيونك .. في إبتسامك ...
الحنية الممعنة في الصدق ... والوفاء ... والتخثر اللذيذ .. في رائحته وفي طعمه ومذاقة ونكهته الجمالية الشبقة الأعطاف، هذا بيان لمن لا يدرك كنه ذوبان عصير الأمنيات في حنايا الحالمين وهم يتضرعون في محراب المحبة. يا حبيبي أنا أحتريكا في خاطري .. في روحي .. وأكتبك في خلجات نفسي .. وثنايا المسام لوحة تنضح بالحياة والعذوبة .. لا يوجد مثيلها حتى في دنيا الخيال .. لأن طرفي جافى المنام .. وآلف حبك والهيام أنه بوح الحروف .. بلا جدال ... ولكن أي بوح لا يعاسل الروح فهو في شرعة العاشيقين حرام!!
عصافير الخريف ...
وطيور الجنة ...
وهي تكثر في اماكن الزراعة والمناطق ذات الأشجار المورقة والظليلة ... وعلى ضفاف النيل والمناطق الغابية الطابع ... الخالية من لمسات يد الإنسان الذي يدمر بواطن ومواطن الجمال بإسم التعمير والتحضر؟؟
ومن الأمثل الحية، التى لا تغيب عن الوجدان، رائعة الراحل المقيم الفنان المهيب الموهوب والموسيقار محمد عثمان وردي، فنان الحرية والعشق والحب والسلام. وشاعر الحب والجمال والرقة، ومدوزن أحاسيس الشعب السوداني الأستاذ الشاعر القامة وهرم الشعر الغنائي اسحق الحلنقي أمـد الله في أيامه، الذي يتبع الجمال طرفه ويتقراهو بتمرة فؤاده، ثم يسكبه من حلمات الحنايا شهدا وعصيرا شهي الطعم عبيق الرائحة، وريحقا وكباءا يعطر ساحات البوح بالشجو والألق النيمق لك الله يا دوحة العشق المباح ... وفارس صهوات الحرف النميق، وقد إتخذها عنواناً لديوانه. وهي أغنية عصافير الخريف
هجرة عصافير الخريف في موسم الشوق الحلو
هـجرة عـصافير الـخريف فـى مـوسم الـشوق الحلو
هـيج رحـيلا مـع الـغروب احـساس غـلبنى اتـحملو
وكتمت اشواق الحنـيـن داير الدموع يتـقـلـو
ورجعـت خليت الـدموع يـنسابو ..مـنى ويـنزلو
ليـه يا عصافيـر الخريف خضرة مـشاعـرى اشيلا صيف
تـحت الـغمام شـايف مـواكب الـهجرة اتـلاشت سراع
ليه يـا عـصافير ليه الاسف مين علمك أسف الوداع
وعارف دا ما اول سفر لبلاد بـعيدة بـدون مـتاع
زى ما بتخافي مـن الرياح بنخاف كمان انحن الضياع
ليه يا عصافير ليه الضنى صفقة جناحك احزنها
غـايـب الـسنين الـليله مالو غنا العصافير غـلبو
طراهو زولا كان ولوف كم رضا خاطرو وطيبو
سمع قليبو كـلام حـنين هـدهد مـشاعرو ودوبـو
الـناس سعيدم فى الـحياة لا ضاق فراق لا جربو
وانا حالى فى بعد الوطن دفـعنى ضي العين تمن
فالحمام بأنواعة المختلفة، ورد ذكرة كثيرا في أغينيات حقيبة الفن الخالدة، وأغاني الفن الحديث عبر مختلف الحقب والمراحل التي مر بها تطور الفن السوداني ونذكر في البدء حمامة قائد مسيرة إغنيات الحقيبة، الشاعر والملحن والمبدع الرائع الراحل المقيم/عبدالرحمن الريح حادي ركبها وإكسير شجونها المعتقة بصدق المعاني وأصالة الشعر وهو من مجايلي فترتي الحقيبة وعصر الحداثة. شاعرا وملحننا ومنعبا لا يغيض معينة لكل مجايليه من الفنانين والمبدعين وعشاق الكلمة الرقيق. وذلك حين قال في رائعته :-
يا حمامة مع السلامة
ياحمامة مع السلامة ظللت جوك الغمامة
سيري في جوك المعطر وانشدي شعرك المشطر
قولي لي الشادن المبطر تيه دلالا وزد وسامة
وقفة :
فالطيور نراها تحمل رسالة الجمال عند الصباح الباكر وهي تتخذ من الأغصان والورود والزهور محطات لإقلاعها تنطلق منها وهي تطوي المسافات بأجنحتها. ثم تحط رحالها وتبدا حركتها مع بواكير الصباح على الأغصان وهي تغرد وتشقشق، وقد جسد الشاعر كل هذا وصورها وكانها توصل الرسالة عبر آهاتها المتلاحقة، وأناتها المشبوبة، معبرة عن ما بجوف المحبوب وقد فاضت حناياهو بالأسقام والحنين والشوق. وكل هذا بسبب النوى. إذن الطيور هي اصدق المراسيل لتوصيل الآهة والانفاس الحراء والمترعة بالاشواق وهكـذا تقوم بمهمة إيصال أصدق وأقوى الرسائل للمحبوب. إنه الصوت الجميل العزب والذي يتميز دوما برنة الحزن، الفنان المبدع في كل ألحانه الراحل المقيم صالح الضى
يا طير يا ماشي لي أهلنا بسراع وصل رسايلنا
والشوق ما تنسى يا طائر لكل من يسألك عنا
كيف حال بستانا وخمائلنا وربوتنا مجمع خمائلنا
انا في انتظارك يا طائر علي نار
وصل رسائل يا طائر وبالبشائر
وافرد جناحك يا طائر علي ناار
قبال تعود لازم تروح من تاني مرة
ما تنسي زول في الحله
الا تسلم عليه وتبوس ايديه
وهنالك الطيور الموسمية والتى تعتبر صديقة للمزارع وللحيوان معا لأنها تعيش على الحبوب وتلتغذي بالحشرات مثل طيور الرهو والسمبر وهي من انواع الطيور المهاجرة وهي تمتاز بجمالها والوانها الزاهية وبالأخص طير الرهو الذي يمتاز بريشة الأبيض الناصع ولون منقارة وأرجله القمحية اللون ومخالبة المحمرة وكذلك منقارة. ليتنا نتأمل النص الرائع للشاعر القامة الراحل المقيم سماعين ود حد الزين( إسماعيل حسن) والصوت الشجي الذي يهفهف الأرواح صوت الفنان الجميل المثقف إبن توتي عروس النيل ومعشوقة مقرن النيلين توتي الحبيبة موطن الجمال والناس الجميلين.
الطير الخداري درة الإبداع الحافل بالحسن والقسامة المفرطة في غضون الأربعينيات وهي للشاعر الهرم والقامة الشامخة وصاحب المفردة الغنائية المتفردة آنئذ، عبد الرحمن الريح والتى غرد بها فى عام1940 سرب أولاد الموردة والذي كان يضم عوض الكريم ومغن آخر قبل فنا الحقيبة عطا كوكو ثم تغنى بها ايضا كروان الحقيبة ومبتدع أولىخطى مسيرتها، الرائع الحاج محمد أحمد سرور في اول تعاون له مع شاعرنا فى غضون نفس العام.
خدارى البى حالى ما هو دارى
متين يزورنى حبى ومحياه يضوى دارى
أقول جلست مرة مع الطير الخدارى
لولاه ما أشتبهت في يمينى أو يسارى
لولاه ما صبرت على ذلى و إنكسارى
ما دام صبحت عاشق والحب صبح ثمارى
سيبونى في الأرائك أسجع مع القمارى
الفنان الراحل المقيم صاحب الصوت الحنون الشجي صالح الضى
يا طير يا ماشي لي أهلنا بسراع وصل رسائلنا
والشوق ما تنسي يا طائر لكل من يسألك عنا
قوليهم علي عهدنا مازلنا ذكراهم أنفاسنا ومشاعرنا
كيف حال بستانا وخمائلنا وربوتنا مجمع خمائلنا
أنا في إنتظارك يا طائر علي نـار
وصل رسائل يا طائر وبالبشائر
وأفرد جناحك يا طائر علي نـار
قبال تعود لازم تروح من تاني مرة
ما تنسي زول في الحله
إلا تسلم عليه وتبوس إيديه
وهـذا هـو المبدع الأستاذ الفنان الجميل حمد الريح الذي دوما يسكب روحه الجميلة ألحانا متفردة في رائعتة حمام الوداي يا راحل ... التي تشد الأحساسيس والأعصاب في آن معا ... بكائيات الغربة عن الوطن .. وصهيل الأحبة وأنين خفقاتهم التواقه للمل الشمل ... وإجتماع الأهل معا.
حمام الوادي يا راحل مع النسمه الفرايحيه
مع الياسمين عز الليل تواصل رابيه منسيه
صغارك مشتهين ترجع تضم العش بحنيه
مش حرام ترجع تسيبمهم للريح
وعارف القاسو ما شويه
تقول لى ماشى من بكره مهاجر لى وطن تانى
مفارق خضرة النيلين وعشك فايتو وحدانى
دا انت القلت ما ب...ت وطن بالعزه ..ربانى
اهداك جو تعيش فيه اهداك غيم تطير ليه
جوه عيونه ختانى بلادك حلوه ارجع ليها
دار الغربه مابترحم تطوف بجناحك الوادى
تلقى الخضره تنسى الهم
بياض ورد الضفاف الزاهيه ضمه عليك واتنسم
تعال لى اهلك الطيبين ملوك العزه مابتندم
الطاؤوس وهو طائر جميل جدا ومغرور في مشيته المعروفة ... الفنان الراحل المقيم الجابري تغنى برائعة الراحل المقيم الشاعر الجميل عبد الرحمن الريح – ملك الطيور
ملك الطيور ارقص وسط الرياض نشوان
خلى الزهور تفتح مختلفة الالوان
وكذلك طائر الكروان المغرد وهو شهير بأنه طائر الملوك وقد ورد ذكره في هذه الرائعة . غنيلي يا كروان وأصدح بلحني ... على الرغم من أن الرأس أشتعل شيبا ولكن مازال القلب يخفق والأعماق تترنم بهذه الرائعة التي تخلب اللب وتثقب لب الخاطر وتسكن في مواطن الجرح النى فيتقد من جديد ويبدأ بركان الشجون في الثوران ... والتدفق والإنثلام ... أمام لوحة جمال وحسن آخذ لا مثيل له.
غنيلي يا كروان وأصح بلحنى
وهي من جميلات الراحل المقيم الشاعر المتفرد/ مبار المغربي .. أن القلب ليحزن والكبد لتتفصد حزننا ولكن سيبقى كل الرائعون من صناع المجد ورواد الإبداع دوما في الوجدان يرفلون .. اليس هم من أثرى إرثنا الثقافي والفني ... وسطروا برحيق أعماقهم أجمل المعاني التي تفصح وتفضح دواخلنا التي تعشق الترحال في رياض الجمال والعشق السرمدي لكل ما هو جميل في بلادنا شعبا وأرضا.
غنيلي يا كروان
غنيلي يا كروان واصدح بلحن
يا ملهم الفنان ألهمت فني
غني الجمال يا صاح لحن الأماني
واسبح مع الأرواح فيما تعاني
من لحنك الصداح هات الأغاني
إعجابي بيك شديد يا آية التجديد
بصوتك الغريد غنيلي غني
ما أبرع الكروان بين القيافر
بي جلسة الفنان الفنو نادر
يشجيك بالألحان بين المناظر
وسط القمر والنور والجو لطيف مخمور
بين الحسان الحور يحلو التغني
ذكرتني حبي بعد التناسي
وأثرت في قلبي دنيا المآسي
والصد للصبّ نعم المواسي
فاسمعني من درشي تلحينك المغري
غني الهوى العذري يا صاح غني
البلوم ...
طيري يا بلومه ... الله هوي طيري يا بلومه
طيري يا بلومه ودي السلام في يوما
للجنني الساكن حي الدومه
والبلوم في فرعو غني طران للحبان أهلنا ...
وهو نوع من القمري الجميل الشكل والمنظر هادئ حتي في مشيته ... يثير الشجن عندما يبدا بالتغريد في مواسم التكاثر. يحب التجوال حول البرك والجداول، ويظهر في شكل جماعات وأسراب في مواسم الخريف.
يا بلومي الطاير بي فوقي والقماري الباتت تقوقي
ودي حبي الطاهر وشوقي وبي لطافة وأسرع تعال
كردفان الاسر شبابها الأبيض غرد حبابها
درة رائعة وحايز الكمال
ولاننسى في هذه الإطلالة بلوم الراحل المقيم والفنان المتقرد صاحب الصوت ا لحنون الشجي أحمد الجابري، رحم الله هذا الرائع الذي كان برورا بوالدته رحمها الله. وكان يصوم عن الكلام عندما يكون لدية موعد إحتفال. ولنتمعن في كلمات هذه الرائعة وحبذا لو نرخي السمع ومجماع القلب في لحيظات نسوح فيها ونرحل في رحاب لحنها وموسيقاها وترانيم المغني الصداح.
في رائعتة البلوم في فرعو غنى:
البلوم في فرعو غنى
البلوم فى فرعو غنى طرانة ياحبانة أهلنا
طرينا مشوار العصارى ورقشة الورد البرارى
البريد داير يدارى والقلوب دايرة المحنة
الغمامه حلات رحيلا فوق روابينا الجميلة
الطيور جات لمقيلا
كلموها خلاص رحلنا
يالدموع لبتين تفارقى يالدروب لبتين تلاقى
أبكى يادموع السواقى
حظنا العاسر حرمنا
الزمن عزبنا ياما حرمنا وشال الابتسامة
يالمسافرين بالسلامة
أشرحوا الحال لأهلن
الفنان الراقي والمجدد النور الجيلاني صاحب الصوت الشجي ومبتدع أروع لونية من الألحان الراقصة والمتشبعة بكل جمال اللزمات الموسيقية والتطريب الرهيب ... لحن صوت .. سحر وجذب منقطع النظير للأذن الموسيقية ....
يا طيور الريد يا قمرية وصفوك دايما وفية
طيري شيلي معاك وصية ودي للكدرو تحية
كما تغنت الراحلة المقيمة صاحبت الصوتي الشجي الحنون عائشة الفلاتيه
طيري يا طيور غنى نغمك الحزين
أشرحي الصدور غني
وهنا ندلف إلي باحة من باحة الجمال مع الروانق الحلوين البلابل والموسيقار الرائع والملحن الشهير الأستاذ / بشير عباس والمفردة بل الماسة ذات الجرس الشجي يا طير الجنة.
يا طير الجنة طير بي الأشواق ورك في الحنة
وهنالك العديد من الوان الشعر والغناء السلس العذب الذي يشيق كل مرهف يعشق الترحال والإبحار في بحار الفن الراقي الأصيل .. حقا إنه رحيق الحنايا الذارفات تضرعا بدنا السحر والجمال ... أورد منه بعض الأمثلة
في رونق الصبح البديع
قوم يا حمام يا حمام أسمعني ألحان الربيع
قوم يا حمام حي الغمام أنا لي فيك شوق وإهتمام
أسمعني من شدوك صدى أهو ده الربيع ناضر بدا
ومن الرياض .. يدا وشاها بي قطر الندا
في رونقا الصبح البديع صحت الورود في كل روض
وتبسم الزهر الربيع البديع
اهي الطبيعة الكون تحلى بمنظرا
الأستاذ الراحل المقيم والفنان القامة/ مصطفى سيد أحمد عملاق العشق السرمدي للوطن الجميل وأهله فهو يتخير النصوص التي ترسم وتنقش كل شاردة وواردة في حنايا أهله .. الآلام والأحلام .. والمعاناة .. والحزن والفرح .. الفاقة ...والعوز.. العتاب ... كل ما يدور في حركت النفس الإنسانية من مد وجزر .. من براكين خامدة والتي تتحفز للوثوب ... مفردة وألحان وتطريب ... يسبيان الخيال فيرمح ... نحو كل هذه المعاناة ... اللحن ا لرغيد المدوزن ... تحسه فتعيشه آنيا ... تتفاعل معه فتحس بأن هنالك شخصك يرسمك ويكتبك بأجمل وأنبل ما فيه عبق دواخله المتفردة بكل مقاييس الجمال والإبداع ... والوفاء وصدق الأماني ...
والله نحنا مع الطيور المابتعرف ليها خرطة
ولا فى ايدها جواز سفر
والأستاذ الفنان الرائع عبد الكريم الكابلي أطال الله في عمره ... صاحب المدرسة المتفردة بتخير النصوص والألحان المبتدعة ... فوق الخيال .. فوق الخيال ... إنسان رقيق فنان ...تحسه يرفل في متون الحانه ويرشح من داخل وجنات الحروف .. والجمل الموسيقية ... في لحظة تكاد لا تفرق بين اللحن والكلمة والأنسان المبدع الماثل امامك ... تنساب كل معاطنه وأعماق روحة ألق الفن والفنون والإبداع ...
طائر الهوى جناحه قد مال
والراحل النعام آدم ذلك المتفرد في عزف الربابه والألحان الشجية ... فلته من فلتات الفن السوداني الأصيل وإبن البيئة .. المعطأة بكل جميل وساحر وشيق وجاذب للروح ... لترشف من خمر الجمال والألق ... لهجة الشمال الحنونة أصلا ... الكسرة التي تذيب القلوب القاسية المتحجرة .. وين حتى الطير رحل خلاني وما طيب لِي خاطر .. هذه اللي .. يا الله من حلمات الحنان الدافق المشتهى دوما.
أما النوم أبى و جافانى وأصبح داجى ساهر
وين حتى الطير رحل خلانى وما طيّب لى خاطر
ولكم عاطر تحياتي وجليل موداتي
الحبوب